أهلاً و سهلاً

أهلاً و سهلاً بك في مدونتي و آمل أن تنال إعجابك

الجمعة، 7 مايو 2010

الفرزدق - في حق زين العابدين علي السجاد (ع)



لما حج هشام بن عبد الملك في أيام خلافة أبيه، فطاف وجهد أن يصل إلى الحجر ليستلمه فلم يقدر عليه لكثرة الزحام، فنصب له منبر وجلس عليه ينظر إلى الناس، ومعه جماعة من أعيان أهل الشام

فبينما هو كذلك إذ أقبل زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، وكان من أحسن الناس وجهاً وأطيبهم أرجاً، فطاف بالبيت، فلما انتهى إلى الحجر تنحى له الناس حتى استلم الحجر

فقال رجل من أهل الشام : من هذا الذي قد هابه الناس هذه الهيبة ؟

فقال هشام: لا أعرفه، مخافة أن يرغب فيه أهل الشام، وكان الفرزدق حاضراً

فقال الفرزدق: أنا أعرفه

فقال الشامي: من هذا يا أبا فراس ؟ فقال



هَذَا الّذي تَعرِفُ البَطْحـاءُ وَطْأتَـهُ



وَالبَيْـتُ يعْرِفُـهُ وَالحِـلُّ وَالحَـرَمُ



هَذَا ابنُ خَيـرِ عِبـادِ الله كُلّهِـمُ



هَذَا التّقـيّ النّقـيّ الطّاهِرُ العَلَـمُ



هَذَا ابنُ فَاطمَةٍ ، إِنْ كُنْتَ جاهِلَـهُ



بِجَـدّهِ أنْبِيَـاءُ الله قَـدْ خُتِمُـوا



وَلَيْسَ قَوْلُكَ : مَن هَذَا ؟ بِضَائِـرِه



العُرْبُ تَعرِفُ من أنكَرْتَ وَالعَجَـمُ



كِلْتا يَدَيْـهِ غِيَـاثٌ عَـمَّ نَفعُهُمَـا



يُسْتَوْكَفانِ ، وَلا يَعرُوهُمـا عَـدَمُ



سَهْلُ الخَلِيقَةِ ، لا تُخشـى بَـوَادِرُهُ



يَزِينُهُ اثنانِ : حُسنُ الخَلقِ وَالشّيـمُ



حَمّالُ أثقالِ أقـوَامٍ ، إذا افتُدِحُـوا



حُلوُ الشّمائلِ ، تَحلُو عنـدَهُ نَعَـمُ



ما قال : لا قـطُّ ، إلاّ فِي تَشَهُّـدِهِ



لَوْلا التّشَهّـدُ كانَـتْ لاءَهُ نَعَـمُ



عَمَّ البَرِيّةَ بالإحسـانِ ، فانْقَشَعَـتْ



عَنْها الغَياهِبُ والإمْـلاقُ والعَـدَمُ



إِذْ رَأتْـهُ قُـرَيْـشٌ قَـالَ قائِلُهـا



إلـى مَكَـارِمِ هَذَا يَنْتَهِي الكَـرَمُ



يُغْضِي حَياءً ، وَيُغضَى من مَهابَتِـه



فَمَـا يُكَلَّـمُ إلاّ حِيـنَ يَبْتَسِـمُ



بِكَفّـهِ خَيْـزُرَانٌ رِيـحُـهُ عَبِـقٌ



من كَفّ أرْوَعَ ، فِي عِرْنِينِهِ شـمَمُ



يَكـادُ يُمْسِكُـهُ عِرْفـانَ رَاحَتِـهِ



رُكْنُ الحَطِيمِ إِذَا مَا جَـاءَ يَستَلِـمُ



الله شَـرّفَـهُ قِـدْمـاً ، وَعَظّمَـهُ



جَرَى بِـذاكَ لَهُ فِي لَوْحِـهِ القَلَـمُ



أيُّ الخَلائِـقِ لَيْسَـتْ فِي رِقَابِهِـمُ



لأوّلِـيّـةِ هَذَا ، أوْ لَـهُ نِـعـمُ



مَن يَشكُـرِ الله يَشكُـرْ أوّلِيّـةَ ذَا



فالدِّينُ مِن بَيتِ هَذَا نَالَـهُ الأُمَـمُ



يُنمى إلى ذُرْوَةِ الدّينِ التـي قَصُرَتْ



عَنها الأكفُّ ، وعن إدراكِها القَـدَمُ



مَنْ جَدُّهُ دان فَضْـلُ الأنْبِيـاءِ لَـهُ



وَفَضْلُ أُمّتِـهِ دانَـتْ لَـهُ الأُمَـمُ



مُشْتَقّـةٌ مِـنْ رَسُـولِ الله نَبْعَتُـهُ



طَابَتْ مَغارِسُـهُ والخِيـمُ وَالشّيَـمُ



يَنْشَقّ ثَوْبُ الدّجَى عن نورِ غرّتِـهِ



كالشمس تَنجابُ عن إشرَاقِها الظُّلَمُ



من مَعشَرٍ حُبُّهُـمْ دِينٌ ، وَبُغْضُهُـمُ



كُفْرٌ، وَقُرْبُهُـمُ مَنجـىً وَمُعتَصَـمُ



مُقَـدَّمٌ بعـد ذِكْـرِ الله ذِكْرُهُـمُ



فِي كلّ بَدْءٍ ، وَمَختومٌ بـه الكَلِـمُ



إنْ عُدّ أهْلُ التّقَى كانـوا أئِمّتَهـمْ



أوْ قيل من خيرُ أهل الأرْض؟ قيل هم



لا يَستَطيعُ جَـوَادٌ بَعـدَ جُودِهِـمُ



وَلا يُدانِيهِـمُ قَـوْمٌ ، وَإنْ كَرُمُـوا



هُمُ الغُيُوثُ ، إذا ما أزْمَـةٌ أزَمَـتْ



وَالأُسدُ أُسدُ الشّرَى ، وَالبأسُ محتدمُ



لا يُنقِصُ العُسرُ بَسطاً من أكُفّهِـمُ



سِيّانِ ذلك : إن أثَرَوْا وَإنْ عَدِمُـوا



يُستدْفَعُ الشـرُّ وَالبَلْـوَى بحُبّهِـمُ



وَيُسْتَـرَبّ بِهِ الإحْسَـانُ وَالنِّعَـمُ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق